الأربعاء، 3 يوليو 2013

خطاب (تميزٌ تطلبه الحياة)



سلامٌ عليكم  جمهور حفل الفخرِ والإنجاز….
أعرفَ عن نفسي إن كنتُ أحتاجُ إلى التَّعرفة :
عفاف الستراوي .. ابنة البحرين .. خرِّيجة المنامة..

اسمحو لي بالتجوالِ بينكم أحبابي، فلا أحلى من التجوالِ بين أزهارِ فردوسٍ تكمن أمامي
ودعوني أطلق العنان لسؤالٍ قد خطر على بالي...
لماذا؟؟… لماذا أحبس دمع فخرٍ واعتزازٍ قد هرولَ لتطهيرِ مقلتيني؟!
وأنفاسُ صعداءٍ قد حملت رئتيَّ تحت أجنحةِ الرَّاحة؟!
 لماذا أقف هنا؟
 لماذا يُنصتُ الجمعُ لكلماتيَ الصغيرة؟..
لماذا حلمت؟
لماذا أنجزت؟
ولماذا حققتُ حلمي؟.. وعلى هذه المنصَّة!…
لمَ لا تجيبون لماذا
ألا تتفكَّرونَ لماذا؟

أتريدونَ جوابيَ للماذا؟؟

لأن الطموح أساسُ التخطيط، والأمل سيد المعركة… الأمل… فلنتوقف عند هذه الكلمة، ولنتأمَّل مجراها في الروح… يالها من أحرفٍ تكوِّنُ كلمةَ الأمل… أحرفٌ تغلفت بلأقحوان… زرعت الثقة… وروت الصبر…  نمَّت العزيمة… ثمَّ أيفعت الشَّجاعة...
فالعزيمة عروس الإنجاز، والثقةٌ عرسها، أمَّا الصبر فالصبرُ علمٌ بذاته يتفرَّد، في عشقه تشرئب القلوب بآمالٍ جديدة…
والشجاعة، الشجاعةُ درعٌ يقويهِ الإيمان ويصلِّبه التقوى...

دعوني أحكي لكم حكايتي...
فمع الزمن كبرت، ويفعتُ في حضن امرأتين، فمن حضن هذه لحضن الأخرى، ومن حنان هذه لحنان الأخرى، فإحداهُما أمٌّ ولدتني والثانيةُ يمينُ أمي... هي عمتي التي كانت أمي وأم أبي ورفيقةُ دربِ أمي...
يالهما من أمانِ اتحدتا يداً واحدةً تحميني من شرِّ هذه الحياةِ وتبعدانِ عني أحزانها....
فعلاً، كنتُ أعيشُ حلماً من الرفاهيةِ بالحنان، والحبُّ قد سدَّ كلَّ ثغرٍ في حياتي. لكن، وفي يومِ قد أحسستُ بضيقِهِ منذ صباحِهِ، ولسعتني شمسهُ لتوقظني من ذلك الحلم...
نعم... وفوجئتُ بمن يخفي بكاءهُ متأثِّراً بخبرٍ لم يعرف كيف يوقظني به ويقلل من انغماسي في بحر الحنان...
قد فقدتُ الأمَّ العمَّه... ويالها من مصيبةٍ تواجهُ إنساناً... حبٌّ، حنانٌ، ضحكٌ ولعبٌ وإلى مالا نهايةٍ من الأوصافِ سأفقدها برحيلها...
وهنا، ماذا تصورتم وقع هذه الحاثة علي، حادثةٌ تهزُّ أركاني وترجعني طفلةً تبحث عن الأمان؟
لا، إنه إختبارٌ من بارئي، وعليَّ أن أنجح، لا أنكر بعض الدموع، لكن القوةُ تلزمني فلن أتنازل عنها، والصبرُ يهوِّنُ بلوايَ فكيفَ أتركه؟
وقفتُ أمامها، أريتها قوتي، وودعتها بقبلةِ ابنةٍ تريحُ فؤادها وتطمئنها علي...
وماهي إلا عدَّةُ أيامٍ وأنا أطلب أن أحضر مدرستي وألّا أتغيَّب..!!
أتعرفون لمَ؟
كانَ أوَّلَ يومٍ في مستقبلي... احترتُ بدايةً في الإختيار، لكن عمّتي تفضّل أن أبني مستقبلي على أن أجلس بالبيتِ أبكي...
وفعلاً، اتجهتُ مع إحدى معلماتي إلى أحد فعاليات وزارة التربية، وهناك تعرفتُ على أدباءَ أعطوني نصائِحَ ومازالوا ينصحونني ويساعدونني في تقوية لغتي حيثُ أنني إحدى كاتبات الشعر...
وبدأت أولُ خطواتي الكبيرة في مستقبلي الشعري...

عتبةٌ مررتُ عليها، عرقلتني، آلمتني، حاولت تأخيرَ مسيري... لكنني ...
وقفتُ عندها، أعطيتها اهتمامي، كسَّرتُها قطعاً قطعاً، ثمَّ عاودتُ بناءها بما يناسبني... وتكررت العتبات، فمنها من عسُرَ عليَّ تكسيرهُ بدايةً ومنها من احتجتُ للمساعدة فلم أتردد...
وفي النهاية:
عبرت...
وقطعتُ شوطاً أرهقني فلم أستسلم، وحاول تثبيط نشاطي فضاعفت العزيمةَ والطموح... حتَّى تحوَّلتُ إلى شعلةٍ تنفخ فيها العواصفُ فلا تخمد... وتُحاربها الأزمانُ فتكبُر... ويناديها الموت، فتهزُّ صوتَ نِدائِهِ بأصداءِ الحياة...

أُواجِهُ الشمسَ بعينٍ تأبى المغيب...وأجري ضِدَّ اتِّجاه الشلَّال ...
ألهث.. ففتنتعشُ رئتاي... وأهمس للمستقبل.. فتفوحُ أصداءُ آمالي.. ويتقوّى إيماني... تتخلَّدُ ثِقتي.. وتتسامى أهدافي...


أتعرفونَ ماكان هدفي مذ كنتُ طفلةً؟!
عندما بدأت مداركي للتّوِّ تتفتَّحُ للحياة..!؟
أن أكتُبَ هذه الكلمة.. أن أقرأ هذه الكلمة.. بل أن أُكرَّمَ لألقي هذه الكلمة...
هدفٌ صغير؟! لا.. بل سامٍ..
رسم ليَ آفاقاً وآفاق، وعلَّمني دروساً وعِبرَ في فنِّ الحياة... حتى أنني خضتُ فروعاً للعلمِ والفنونِ من أجل تحقيق هذا الهدف... وحتى وضعتُ أهدافاً وأهدافَ أمامي سبَّبَها هذا الهدف الذي قد تسمونه بالصَّغير....

أعزائي، أعزائي؟ بل أحبابي... إن وقوفي اليوم أمامكم جلَّ أسعدني، وربما أبكاني لا بسبب فرحتي وإنما لأنه آخر وقوفٍ لي أمامكم، وآخر اجتماعٍ لي بمن التجأتُ لحضنِ صداقتهن...

إنها لساعاتٌ تمضي بسرعةٍ لا يحسُّ بفرحتها التي تمتزجُ بمرارة الفراقِ إلا من يعيشها الآن...
الدموعُ قد حارت على وجناتكنَّ صديقاتي، فدموعُ فرحِ تخرُّجٍ؟ أم دموعُ حزنِ فراقٍ؟ أم دموعُ فخرٍ بما ساعدتموني على تحقيقه؟
أتستغرِبونَ أني أعرف؟
إن قلبكم هو قلبي وأنفاسكم هي نفسي وروحكم تجري في عروقي، فكيفَ لا أحسُّ بما يخالج أحاسيسكم الآن؟!

أمي التي لا توفيها كلمة أمي، مديرة المدرسة، ومدرساتي اللاتي تخجلُ في شكرهنَّ الكلمات، صراحةً: لا أستطيع نسجَ حرفٍ آخر فشجرةُ الحروفِ لا توفي بالشكرِ وأعظم الإمتنان...

أمي وأبي: أرى الدموعُ قد ازدادت في الانهمار!
لا تمسحوها... هي أجمل الدموع... وهذه... هذه أجملُ البسمات

ترى؟ هل كلُّ واحدةٍ منكنَّ تحلمُ حلماً قد تحقق؟ أم أنها ستخطو بدءاً من اليومِ أكبر خطواتها لتحقيقه؟
هل اتخذت كل واحدةٍ قرارَ حياتها أم أنها مازالت ضائعة.....
عزيزتي الضائعة: فقط افتحي رئتيكِ ودعي العنان لهما باستنشاقِ الهواء، واستيقظي من حلمِ التوتُّرِ إلى حلمِ الرخاء....
ثمَّ انظري للشمسِ بعينِ الحبِّ واصرخي.... سأبدأ العمل اليومَ ولن أطيلَ ساعاتَ الهوان... وعندها فقط: ستجدينَ نفسكِ قد اتخذتِ القرار....

لحظةً واحدة... قبلَ أن أختمَ حديثي الذي قد طال: أمي... أبي...

عندي هدفٌ لم أتأكد إن كنتُ حققته أم لا: هل رضيتم عنِّىَ الآن؟؟؟؟

حرر في: إبريل 2007 م

ليست هناك تعليقات: