أحياناً عندما نلتقي بإنسانٍ طيِّبِ
الخلقِ تبان عليهِ مظاهر الإيمان نسأله أن يدعوا لنا ونخبره بأننا نحتاج لدعائه
الخالص...
فلِمَ نثق بأن الله عز وجل سيستجيب
لدعاء هذا الإنسان ونققد الثقه من أن يستجيبَ لنا؟!!
لماذا؟
هل لأنا لسنا بالمستوى الإيماني لهذا الإنسان؟
فلنتفكر... الله كريم ... رحيم... رحمن...
أتعرفونَ مامعنى رحمن؟
الرحمن تعني أن رحمته تشمل جميع خلقه
حتى غير المؤمنين...
قبل ان نقرأ القرآن نردد دائماً:
الرحمن الرحيم
الرحمن من يرحم جميع الخلق حتى غير
المؤمنين والرحيم هو من يخص برحمته المؤمنين...
فلماذا لا نلجأ لرحمة رب العالمين؟
الرحمة الواسعه التي تشملنا كمؤمنين وتشمل غيرنا ممن لم يتبعوا الإيمان!!
إذا شملت غير المؤمنين، أيُعقل ألّا تشمل
المؤمنين الذينَ وثقوا أن لن يحقق حاجاتهم إلا الله عز وجل؟
الخطأ الوحيد في تفكيرنا: إنا نثق إن
رب العالمين سيُحقق أمانينا ويقضي حاجاتنا، ولكن نظن أنه يستمع للحاجات والنجوى من
ناس آخرين بدلاً من أن يستمع للمناجاةِ منَّا شخصياً..!
إذا أحسسنا أن الله سبحانه لن يستمع
لنجوانا بسبب ضعف مستوانا الإيماني، فهذا يدل على شعور بالبعد عن الله سبحانه أو
بالندم على تقصيرنا... وهذه خطوة جيدة يجب أن نستغلها لفتح صفحه جديدة مع الله عز
وجل... من الندم والإستحياء...
أَليسَ ( الإعترافُ بالذنبِ فضيلة؟)...
إذا لِمَ لا نلجأ للحبيب الوحيد اللذي إذا اعترفنا إليه بذنوبنا لن يفضحنا عند احدٍ
من عبيدِهِ وسيسترنا.؟!
ليسَ هذا فقط عن خصوصية الله عز وجل بحفظِ
أسرارنا؟ بل هذا المعشوق يختلف عن بقية المعشوقين، لأن البشر مهما كان الحب بينهم لابد
وأن تنشأ بينهم اختلافات... وحتى لو صفحوا عن بعضهم، لا يستطيعون نسيان الجروح
والإعترافات اللي تدور بينهم... لأنهم بشر...
ولكن... لنتأمل في الإعترافات للمعشوق
الحقيقي... أساس العشق الذي خلَقَ العشقَ لنا...
لو اعترفنا إلى الله عز وجل... هو
الوحيد الذي إذا عرفَ بإحساسنا بالندمِ على أخطائنا وبعدنا القلبي، يقربنا إليه
أكثر... ويضمنا بين أجنحةِ رحمته... فهل من معشوقٍ يقابل البعد بالقرب؟ يقابل
المسئ بالحسنة والرحمة؟
إذا اعترفنا لبعض عن ذنب.. عن سيئه...
ماهو شعورنا تجاه البعض؟...
ألا نشعر بالإحراج؟ ألا نشعر بالذل؟ حتى
إن لم يُفضي هذا الإنسنا بذنوبنا لأحد، هل يستطيع أن ينسى أننا في يومٍ ارتكبنا هذه
الذنوب؟.. بل هل يستطيع أن يمسح هذه الذنوب؟
ولكن...لنتفكر بتأمُّلٍ أكثر...
لو قدمنا اعترافاتنا لله عز وجل..؟ هو
الوحيد الذي سيمسح الذنوب ولن يستطيع أن ينظر إليها أحدٌ من خلقه...
هو الوحيد الذي سيصفح لنا صفحةً جديدة
من الصفحِ والتسامح...
برحمته سيُدخِلُنا...
" إذا سألك عبادي عني فإني قريبٌ
أُجيبُ دعوةَ الدّاعِ إذا دعان"
هو القريب منا... الذي يسمع نجوانا...
الذي يفهم ما بصدورنا دون أن نحتاج إلى لغةٍ للتعبير...
فقط افتحوا قلوبكم لله... انشروا
أمانيكم وأرسلوها للسماء...
عند وقت الأذان: لم لا تفتحون أبواب
سطوحكم وتنظروا للسماء... كلما نظرنا للسماء أكثر وتأملنا فيها أكثر... كنا للهِ
أقرب...
عندما تقدِمون بين يديِ الله أحسُّوا
بذلك الإحساس الجميل... بأنكم واقفين مع من عنده كل الأمنيات...
تأملوا السماء... كيف هي عظمة البارئ
الذي أمسك السماء أن تقع عليكم؟..!
من له القدرة على أن يخلقكم... كيف لا
يستطيع أن يحقق أمنياتكم البسيطه... هل نحن لا نستحق أن تتحقق أمانينا؟!
لكن هو يستحق أن نثق بأن عنده القدرة
على تحقيق أمانينا والصفح عنا وتقريبنا إليه... هو عند حسن ظننا فيه... فما بالنا قد
نفكر أنه لن يحقق أمانينا وهو الحبيب الذي يقرب عباده إليه ولا يبعدهم عنه... كيف
نتوقع أنه لن يجيب دعواتنا وهو القائل: (إدعوني أستجب لكم)..؟
لنثق بقدرة الله عز وجل... ولنثق بأن
دعواتنا مستجابة لأن الله أهل لذلك وأنه المعشوق الذي لايحب أن يترك حبيبه دون
إجابه...
أحياناً نحسُّ بأننا ندعوا ولكن
دعواتنا لا تتحقق... هنيئاً لمن لم تتحقق أمانيهِ بعد... أتدرونَ لماذا؟
لأن الله سبحانه يحب أن يسمع صوت
العبد يناجيه... فإن أحب صوتنا... أخر استجابة دعوتنا كي يسمع صوتنا نناجيه
أكثر....
أترون بأيِّ قدرٍ يحبُّنا..!
ألا يكفي هذا بأن يحيي العشق في
قلوبنا للمعشوق الذي أحب أن يستمع حتى إلى أصواتنا..؟!
ذكرت في بداية حديثي أننا نسأل إخوتنا
الدعاء لنا... أحببت أن أوضح نقطه في هذا المجال:
أنا لم أطِل حديثي عن دعائنا لأنفسنا
بقصد أن أبرهن إليكم أن لا حاجه لأن نسأل أخواننا الدعاء لنا... نحن ندعوا لأنفسنا
لأننا نعشق الحبيب ونريد أن نناجيه بأنفسنا...
أيهما أحلى:أن يوصِلَ أحدٌ سلاماتكم
وكلامكم لأحبابكم؟ أو أنتم بأنفسكم ترونَ أحبابكم وتكلمونهم؟
هُنا تكمُن حلاوة مناجاة الله
المحبوب... أنِّي أناجيهِ بنفسي وأُخاطبُهُ بنفسي واتلذذ بحبه بنفسي...
ولكن أيضاً دعاء المؤمنِ لأخيهِ
المؤمنِ بظهرِ الغيبِ مُستجاب...
لدقيقه واحدة... فليتبادل كلُّ واحدٍ
منا الدعاء مع من جنبه من المؤمنين...
فلنتبادل الدعاء... كل واحد يلتفت لأخيهِ
ويقول: أسألُكَ الدُّعاء...
هل دعيتُم لبعضِكم..؟
استبشروا فدعاؤكم سيُجاب بإذن الله...
لماذا قررتُ مباشرةً بأن دعاؤكم
سُجاب؟!!
لأن عندي ثقةٌ بأن الله عز وجل عندهُ القدرة
والرحمة بأن يستجيب دعاءنا وليسَ عندنا شكٌّ في ذلك...
ولكن بين كل دعاء والسما حجاب... لا
ينفتح هذا الحجاب إلا بالصلاة على محمد وآل محمد
...اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل
فرجهم ...
هنا أستطيع أن أُبرهِنَ لَكُم أنَّ
دعاؤكم قد وصل للسماءِ واخترق الحجاب...
فلنقف ونفكِّر قليلاً... قلنا أنَّ
دعاءنا لأخواننا المؤمنين مستجاب... وأيضاً قُلنا أنَّ مناجاةَ اللهِ عز وجل
والدعاء والتحدث مع المعشوق فيه لذة... نذوقها إذا اعترفنا إليه بذنوبنا وتقربنا
إليه...
فما هو الصواب؟ أيهما أفضل؟ أن ندعوا
لأنفُسِنا أم ندعوا لإخواننا؟ أو بأيهما نبدأ؟
يقولُ الإمامين الحسن والحسين عليهم
السلام: كانوا ينظرون للسيدة الزهراء عليها السلام وهي تدعوا... فيقولون كنا
ننتظرها تدعي لنفسها..! لكنها كانت تبدأ الدعاء للمؤمنين وللشيعة ونساء المدينة
وكل الناس وفي النهاية تدعو لنفسها وأولادها...
تأملوا إيثارها... تؤثر الدعاء لغيرها
قبل نفسها..!
إذاً أنا أستطيع أن أحتذي بالزهراء
عليها السلام... أبدأ بالدعاء لكم... ثم أدعوا لنفسي...
فنتخيّل أننا في جمعٍ من المؤمنين...
وأن كل من هم حولنا يدعون لنا قبل أن يدعونَ لأنفُسِهِم... فما ستكون ردة فعلنا؟
بالتأكيد سأتأثر كإنسان وسأدعوا إليهم
كما دَعَوْا ليي ومن ثُمَّ سأدعوا لنفسي...
وهكذا نتبادل الدعاء وأيضاً نتلذذ
بمناجاة المعشوق...
اللهم أذقني لذة التقرب إليك... اللهم
أذقني حلاوة دعائك وفرحة استجابتك... وجميل مغفرتك وصنعك...
اللهم لاتدع لنا ذنباً إلا غفرته...
ولا حاجةً في نفس من حولنا إلا قضيتها...
اللهم أذقنا حلاوة عشقك والتقرب
إليك... واسقنا من كأس التوبة واغفر لنا الذنوب التي تحبس الدعاء وتقطع الرجاء... إنك
أنت أرحم الراحمين....
ونختم دعاءنا كما بدأناه بالصلاة على
محمد وآله الأبرار...
عفاف الستراوي